هناك من يشعر بأبسط حقوقه في السعادة وهو يزرع نصف ثمار الوهم.. وهناك من يشعر بكامل حقوقه في التعاسة وهو يقطف كل ثمار الحقيقة، تعبير جميل و غزير بالمعاني للأديبة السورية غادة السمان، و هو التعبير الذي يصلح إسقاطه على واقع القضية الصحراوية و حال قيادتها.
لطالما عشنا على حلم استقلال الصحراء الغربية و لطالما نظرنا بسعادة للأراضي “المحررة” –مع تحفظ على المصطلح- كأول خطوة في طريق الإستقلال التام و الكامل لأراضينا المحتلة، و هو ما عززه الخطاب الرسمي الصحراوي و التحركات الصحراوية ببعض المناطق كتفاريتي و الكركرات ، و اعتماد القادة الصحراويين على خطاب صريح و دون أي تحفظ يؤكد بشكل قاطع السيادة الصحراوية على كل المناطق الواقعة شرق و جنوب جدار جيش الاحتلال ، وهو ما كان يزرع الأمل في النفوس و يعطى شحنات للاجئين تحفز على مزيد من الصبر و الإنتظار.
لكن اليوم بعد التأكد من ان كل ذلك الكلام كان مجرد هراء و ان الأمم المتحدة تعتبر تلك المنطقة اراضي عازلة بين الجيشين المغربي و الصحراوي للحفاظ على وقف إطلاق النار، فقد جنت الجماهير الصحراوية شوكا بذل الثمار من الوهم الذي زرعته القيادة و روجت له فيما يتعلق بوضع هذه الأراضي، فبين عشية و ضحاها انقلبت الموازين و تغيرت المفاهيم و ابتلع القادة الصحراويون ألسنتهم و تكلمت الأمم المتحدة و أضحت الأراضي المحررة أراضي “محرزة” على تواجد جيشنا بها.
التسمية جاءت صريحة في الفقرة الرابعة من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المحال مؤخرا على أنظار مجلس الأمن، حيث تضمن بصريح العبارة “…سحبت جبهة البوليساريو عناصرها المسلحة من المنطقة العازلة في الكركرات، الواقعة جنوب الإقليم”، و هو التعبير الواضح والذي لا يحتاج لتفسير و لا يقبل تأويل، فلطالما عززت لدينا قيادتنا و خاصة في السنوات الأخيرة كون منطقة الكركرات تدخل ضمن نطاق الأراضي المحررة و تحت السيادة الصحراوية، قبل أن يسقط وهم القيادة و يماط اللثام عن الحقيقة الدولية و نسقط من قمة جبال الوهم التي تسلقناها بتوجيه من قادتنا ، وحملنا معنا أحلامنا.. شعاراتنا..، وصعدنا بها لاهثين حتى القمة قبل ان نفقد توازننا لنتدحرج بحمولتنا جيلاً بعد آخر نحو منحدرات الهزائم و نستعد لبداية رحلة ميل جديدة بخطوة جديدة مثقلين بأحمال كل ما وقع معنا في سفح جبال الوهم التي سقطنا منها.
*وركزيز نيوز- كيفارا الصحراء