قديما قيل “اختر الرفيق قبل الطريق” ، و”الجار قبل الدار” ، و “قل لي من تعاشر أقول لك من أنت”، كلها أقوال و أمثال تؤكد على تأثير المخالطة في النفوس وامتزاجها بمن تعاشره ، حيث إن العقلاء إذا أرادوا معرفة سلوك شخص من الناس سألوا عن صديقه فإن كان مستقيم الحال طيب الأخلاق، طاهر السريرة حميد السيرة ، حكموا بوصفه بكل تلك السجايا الجميلة ، والخصال المجيدة ، فإن كان الصديق عكس ذلك كان الصديق الآخر كذلك .
و إذا كان حكم الأشخاص على بعضهم البعض تحكمه هذه المفاهيم و القواعد فحكم الدول على غيرها يخضع كذلك لهذا المنطق، فكل الدول تتخذ موقفها من دولة ما على خلفية موقف و درجة تقارب هذه الأخيرة مع حلفاء أو أعداء هذه الدول ، وهو التصنيف الذي أصبح ورقة لعب أخرى يستعملها المحتل المغربي في حربه على القضية الصحراوية.
فإعلان الإحتلال لقطع علاقاته مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية و اتهامها بتسليح و تدريب البوليساريو عن طريق حزب الله اللبناني لم يكن قرارا عبثيا بغض النظر عن مدى صدقيته، فمكر المحتل جعل القضية الصحراوية في مواجهة مباشرة مع القوى العظمى التي ترى في إيران الممول الرسمي لكل الحركات الإرهابية بالعالم و مصنعا لمختلف الأسلحة النووية، و ترى في حزب الله منظمة إرهابية مدرجة في اللوائح الدولية.
فماذا عسى القيادة تفعل أمام هذا الوضع الذي وضعها فيه المحتل، فمهما بلغت درجة التعاطف من طرف بعض الدول مع قضيتنا فلا يمكن أبدا تصور استمرار هذا التعاطف إذا تعلق الأمر بتقارب القيادة مع إيران و حزب الله، بل سيكون الأمر بمثابة انتحار للقيادة و للقضية التي لن ترحمها القوى العظمى المتحالفة ضد إيران و أذرعها بمختلف بقاع العالم.
و بهذا تكون القيادة قد ضلت طريق الإستقلال بسوء اختيار رفقاء الدرب و حلفاء قادرين على تغيير الموازين و قلبها لصالحهم عوض التأثير سلبا بشكل مباشر أو غير مباشر على مسلسل تصفية الإستعمار بالصحراء الغربية.
* وركزيز نيوز