مع اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين المغرب و الجمهورية الاسلامية الإيرانية طفت إلى السطح مجموعة من الأمور و المعطيات التي تداخل فيها التحليل الموضوعي و التناول المنحاز من بعض الجهات الرسمية و كذا من بعض الأشخاص الذين اعتبروا أنفسهم محللين سياسيين و خبراء في العلاقات الدبلوماسية.
تناول بعض الأشخاص لهذه الأزمة الدبلوماسية التي انفجرت بسبب علاقة مفترضة بين ايران و حزب الله بجبهة البوليساريو، كان تناولا مثيرا و غريبا نظرا لما جاء على الألسن و ما تناولته وسائل الإعلام المرئية و المسموعة التي دخلت في حرب إعلامية تمجد كل طرف على حساب الآخر من منطلق ولاءات هذه المنابر و هؤلاء المحللين لأطراف الأزمة القائمة.
و من بين التصريحات التي استوقفتني كثيرا و أثارت دهشتي ما صرح به الكاتب و الصحفي الصحراوي سعيد زروال في حلقة من برنامج “الحدث الايراني” الذي تبثه قناة الحوار الفضائية، حين صرح بكون جبهة البوليساريو تمتلك من الخبرة ما يؤهلها لتدريب الحرس الثوري الايراني و ليس فقط حزب الله اللبناني.
تصريح الكاتب الصحراوي قد يكون بدافع الحماسة الزائدة، لكنه تجاوز كل حدود العقل و المنطق حين وضع إمكانيات جيوش بقوة ايران و حزب الله في مقارنة مع الجيش الشعبي الصحراوي، في مقارنة مرفوضة وغير عادلة ولا يقبلها المنطق ولا العقل و تشكل ظلما و إجحافا بين هذه الأشياء المقارنة، كما تمثل تضليلا إعلاميا، سواء عن قصد أو غير قصد، من شأنه تسويق نوع من الوهم في صفوف الجبهة الداخلية للشعب الصحراوي التي يعمل المحتل المغربي جاهدا على اختراقها.
فعندما تكون الجبهة الداخلية هشة وضعيفة يسهل على العدو تحقيق هذا الاختراق المنشود، وكلما كانت قوية ومتماسكة، كلما عجز العدو وكل أساطيل العالم عن اختراقها، وهذا هو الأمر الذي يجب التفطن إليه و التعامل معه بحذر شديد، فتعزيز الجبهة الداخلية لا يجب أن يقوم على تسويق الوهم و محاولة رفع الهمم بالترويج لأشياء وهمية و تكاد تكون من ضرب الخيال.
فلطالما روجت قيادتنا الصحراوية على كون المحتل يستغل الآلة الإعلامية للترويج للأكاذيب و لانتصارات وهمية حققها على حساب القضية الصحراوية، مؤكدة على كونها (أي القيادة) تقوم بعمل كبير يعود بمكتسبات كبيرة على القضية و الشعب الصحراوي قبل أن تنكشف الأمور و تنفضح أساليب القيادة التي تعمل بمنطق المحتل و تستعمل نفس أدواته، و هو ما جعلها تعاني من قصور كبير في مسايرة تحركات العدو على الصعيد الخارجي.
نعم كان ولا يزال الهدف الأساسي للمحتل المغربي هو النيل من عزيمة وإرادة الشعب الصحراوي الذي يمتلك سلاح الإيمان بقضيته العادلة، وهذا هو السلاح الذي تفتقر له قيادة الرابوني الحريصة على مصالحها قبل اي شيء مسخرة من أجل ذلك أبواقها الدعائية من “الصفاكة”.
لقد آن الأوان للقيادة أن تراجع نفسها، أما الشعب الصحراوي فقد فقد فيها الثقة و لم تعد تنطلي عليه الأكاذيب، فقد أصبح اليوم لزاما تحري المصداقية في نشر الاخبار والتحقيقات الميدانية بمصداقية ومهنية و استثمار هذه المصداقية كسلاح مضاد لمواجهة الحملة الإعلامية للإحتلال المغربي، فإذا كانت وسائل إعلام عدوك تكذب فلا تتبع نفس الأسلوب تحت مبرر مواجهة الحملة الاعلامية لان هذا سيؤدي إلى فقدان الصحراويين للثقة في الإعلام من الطرفين نتيجة للتطفل و التخبط والارتجال والمزاجية “أحياناً” مما يجعل المواطن الصحراوي في حيرة وشكوك فيما يسمعه ويقرأه ويشاهده خاصة فيما يتعلق ببعض الأكاذيب المفضوحة.
* وركزيز نيوز- كيفارا الصحراء