الدبلوماسية الصحراوية بين الماضي المشرق و الحاضر المحرق

في ظل سياسة الإستغباء التي تصر القيادة الصحراوية على انتهاجها في حق الشعب الصحراوي، نتفاجأ مؤخرا بانتخاب المحتل المغربي نائبا لرئيس اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار و نائبا لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، و قبله بمدة قصيرة قرار جمهورية مالاوي سحب اعترافها بجمهوريتنا، مما يؤكد بالملموس بأن الديبلوماسية  الصحراوية تعيش القهقرى إن لم نقل الاحتضار، في ظل ما تعيشه الساحة السياسية الدولية من تقلبات ومستجدات لم تعد تستطيع قيادتنا  الهرمة مجاراتها.

فعلى النقيض  تماما مما يقع في المخيمات من ضعف وخمول وإهمال للقضية، يسارع العدو المغربي إلى تعبئة الجهود وحشد الهمم، للإجهاز على كل المواقع التي ظلت لعقود من الزمن تؤازر القضية الصحراوية وتساندها في مواقفها السياسية، انطلاقا من العودة لكنف الاتحاد الافريقي التي تكللت باستقبال لملك المغرب بقاعة اتحاد الماما افريكا أمام أعين رئيسنا، وصولا الى سحب عدد من الدول رسميا الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ثم  قبول عضويته في “سيدياو”.

إلا أن ما يحز في النفس أكثر من الانتصار الكاسح لديبلوماسية العدو، هو محاولة القيادة الصحراوية  طمس الحقائق وتزييفها واعطائها صفة النصر للقضية، فالعدو المغربي عند كل انجاز يحققه  تقوم القيادة الصحراوية على استبلاد عقول الصحراويين وتعتبر انتصار العدو مكسبا للقضية الصحراوية في معادلة لا يتقبلها المنطق ولا العقل السليم، وهو ما بدأ يتأكد بالملموس على ارض الواقع بإعلان جمهورية مالاوي سحب اعترافها بالجمهورية الصحراوية على خطى العديد من الدول التي أعلنت في وقت سابق التحاقها بالمعسكر المغربي واصطفافها الى جانبه.

فعوض أن يحاول القياديون في الرابوني شل انتصارات العدو، عبر جرد مكامن الخلل في التركيبة الديبلوماسية الصحراوية التي عصفت بها ديبلوماسية العدو لمعرفة الاسباب الحقيقية وراء تراجع القضية قاريا ودوليا، وهذا ليس بالأمر المستحيل او الشيء الكثير، فغياب او تغيب السفراء الصحراويين عن أماكن عملهم لمدة طويلة وعدم اهتمامهم بما يقع في البلدان التي يعملون بها،  وبقائهم في السفارة الصحراوية بالعاصمة الجزائرية هربا من الأجواء المناخية، والاوضاع الصعبة ببعض الدول الافريقية من الأسباب الواضحة التي تعرقل الديبلوماسية الصحراوية، زيادة على أن العديد من السفراء الصحراويين الذين يتم تعيينهم ببعض الدول لا يتقنون لغة البلد المضيف، مما يطرح مشاكل كبيرة في مسألة التواصل.

ففي الوقت الذي يعاني فيه خريجو  مدارس ومعاهد وكليات اللغات الاجنبية  من البطالة بالمخيمات، تنعم فئة من الصحراويين بالمناصب الديبلوماسية الرفيعة، و التي تنظر للسفارة باعتبارها مصدر لتحصيل الاموال ومراكمة الثروات وتحصيل العملة الصعبة التي يستلمها السفير من السفارة الصحراوية بالجزائر او من الخزينة بالرابوني، دون ان يكلف نفسه عناء الذهاب الى بلدان افريقيا البعيدة والموحشة، كما ان إنشغال بعض الدبلوماسيين بمشاريعهم الخاصة من إبل وتجارة، وغيرها من المشاريع التي تفرض بقاءهم قريبين من المخيمات، وعدم المبالاة بالمهام المنوطة بهم، وتمثيل الجمهورية الصحراوية احسن تمثيل، مما يفتح من جديد باب النقاش حول الطريقة الانتقائية التي يتم من خلالها تعيين ممثلين للصحراويين في بلدان اجنبية، مما ينذر بوقوع كوارث أخرى في المستقبل القريب خاصة بعد دخول العدو الى منظمة الاتحاد الافريقي، وفتحه لسفارة بهافانا، وعمله على إختراق جبهات جديدة كانت حكراً على الدبلوماسية الصحراوية، إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

* وركزيز نيوز